الاثنين، 21 يونيو 2010

أحبك إلا قليلاً


قرات مقال الأستاذ ابراهيم عيسى ( مسئولية الرئيس عن الفوضى فى البلد) وقد تبادر إلى ذهنى على الفور صورة جماعات التغيير ودعاة الديمقراطية الذين ( جميعهم ) دافعهم الأول حب مصر.. أيها السادة الحب لا يتوافق مع الشروط

بعد أن وصلت البلاد لهذه الحالة من الفوضى والتدهور والفشل فى كل المجالات حتى طال الفشل الأنسان وتكرست مناهج وميزانيات لأفساد أجيال كاملة بهدف إبعادها عن الساحة السياسية وتغييبها عقليا فى ملاهى وسفاسف لا تنتج إلا تفاهة وشرزمة .. تعارض وتسفه كل رأى وكل حلم فى الأصلاح . بعد أن وصلت الفوضى كما وصفها الكاتب ابراهيم عيسىى بالفوضى العارمة الى قلب نفوذ وسلطه وساحة النظام .. تضرب في نقابة المحامين وناد القضاة تضرب في جماعة الأقباط في مصر والكنيسة فى مواجهة علانية واستخفاف بالقانون الوضعي .عدد الكاتب علامات الفوضى متساءلا: أليست طوابير العيش التي يندفع ويتدافع فيها المصريون إلا فوضي يسقط

معها الجرحي والقتلي والمرضي، أليست حوادث الطرق القاتلة اليومية والكارثية فوضي، أليس أكل لحوم الحمير فوضي، أليس كذب المسئولين طوال الوقت عن كل شيء في مصر فوضي، أليس إهدار دماء المصريين برصاص الإسرائيليين والتواطؤ والسكوت علي إراقتها فوضي، أليست الانتخابات المزورة والمزيفة فوضي، أليس تجاهل أحكام القضاء الإداري بإبطال إجراء الانتخابات فوضي، أليس غض البصر وصهينة الحكومة عن أحكام بطلان عضوية عشرات النواب في مجلس الشعب فوضي، أليست حوادث الضرب والتعذيب في الأقسام فوضي، أليست مآسي المستشفيات الحكومية فوضي، أليست أحوال السكة الحديد فوضي، أليست العشوائيات بسكانها ومساكنها وفقرها فوضي، أليس اختناق المرور فوضي، أليست صناعة القوانين في يوم وليلة لمصلحة شخص وفئة فوضي، أليست الرشوة التي باتت قاعدة التعامل في مصر فوضي، أليس بيع أراضي البلد لمليارديرات المدن أصحاب وشركاء وأصهار المسئولين فوضي، أليست الخصخصة وبيع ثروة البلد برخص التراب للأصحاب والأقارب والغرباء الأجانب فوضي، أليس تصدير الغاز والبترول للعدو الإسرائيلي عن طريق شركات الأصدقاء فوضي، أليس إنفاق الملايين من أجل افتتاح كباري غير صالحة وغير مكتملة فوضي، أليست فوضي أن يكون 44% من الشعب المصري تحت خط الفقر، أليست فوضي أن تكون 90% من مشروعات الحكومة بلا دراسات جدوي، أليست فوضي أن تكون نصف مدارس مصر آيلة للسقوط وغير صالحة للاستخدام الآدمي، أليست الدروس الخصوصية فوضي، أليست فوضي إنفاق 15 مليار جنيه في ميزانية الحكومة السنوية نثريات علي الشاي والقهوة وخلافه؟ إذا لم تكن هذه هي الفوضي في أصلها وفصلها وجذرها وفرعها، فما تعريف الفوضي يا خلق هووه..؟ كل هذه فوضي النظام الحاكم في مصر لكنه لا يعترف بالفوضي التي صنعتها يداه ورجلاه وشفتاه، بل هو فقط يعتبر أن حرية التظاهر «فيما عدا التظاهر بالسعادة» أو حرية الصحافة «فيما عدا حرية الصحافة في نفاق الحكم والحكومة» فوضي

وبعد هذه الصور الموجعة للفوضى ومع الحسرة التى تمزق القلوب على نجم مصرنا الآخذ فى الأفول ومستقبل مظلم بلا معالم فى ظل ديون خارجية ضخمة توجه إلى نفقات استهلاكية بلا أى خطة تنمية تسعى لأيجاد باب لسداد هذه الديون التى سيدفعها أبناء هذا الوطن الذين سيولدون فى العشرة أعوام القادمة ، وفى ظل نظام ضريبى للجباية لا هم له إلا أمتصاص أخر قطرة فى عروق المصريين التى جفت منها الدماء ، وفى ظل استنزاف لثروات الوطن وحرمان أجيال قادمة من حقها فى هذه الثروة ، وفى ظل تعليم متدهور لا يواكب العصر لينهض بهذا البلد من كبوته ، ولا هو يخدم الحد الأدنى من حاجات المجتمع ، وفى ظل شره وجشع أعوان النظام الذين يسعون لجمع المزيد من الغنائم قبل فوات الأوان ويقاتلون بكل سلاح وبأخس سلاح للحفاظ على مكاسبهم .. فى ظل هذا كله .

ماذا تحتاج مصر ..

هل تحتاج إلى من يشترط لدخول الأنتخابات الرئاسية ألا يمس الغبار قميصه الأبيض وياقته المنشاة

هل تحتاج المتاجرين بالشعارات على الملاء لزوم الحبكة الدرامية بينما يبرمون الصفقات فى الخفاء

هلى تحتاج إلى مصاصى الدماء الذين أعدوا العدة ليكونوا أول الفارين بأموالهم وأبنائهم

إن مصر ضحية هؤلاء .. لا حاجة لها بهم ، وإنما حاجتها إلى أبنائها الشرفاء .. أبنائها الذين يعرفونها حباً أولاً وأخراً ويؤمنون بتقديم أرواحهم عن طيب خاطر فداء وثمناً لحياتها .. وأقولها كلمة فى أذن البرادعى وكل برادعى : بعد أن وصلت البلاد إلى هذه الحالة من الفوضى .. لم تعد فى حاجة إلى ياقات منشاة وأربطة عنق مكواة ،، فى حب الأوطان يجب ألا تكون المقارنة بين تكييف الهواء والمياه الباردة والبدلة السنييه والحذاء اللامع والسيارة الفارهة وبين المعتقلات والسجون .. وإنما حقيقة المقارنة هى بين حياة خزى ومهانة وركون وعبودية وبين موت وشهادة فى سبيل الحق والعدل والكرامة والحرية .. إن مصر تحتاج إلى حب وعزيمة وصدق نلسون مانديلا .. بكل حبه لتراب بلده بسجونها وعذابها وتعسف سلطاتها وبكل حرصه على كرامتها وحرية شعبها وملاك إرادتها.

هل من الممكن أن يجب المرء أمه إلا قليلاً ؟؟

الأربعاء، 16 يونيو 2010


وهم النزاهة ونزاهة الوهم

أثبتت الأيام والوقائع أن قضاة مصر سقطوا ضحية وهم نزاهة القضاء المصرى .. المصطلح الذى تتناوله كل الألسنة وكأنه محتوى قدس الأقداس الذىيرفعهم إلى مصاف آلهه القانون.

النزاهة .. ما هى .. أليست هى التعفف عن كل نقيصة

أليست هى حالة توصف بها النفس البشرية التى يتحلها صاحبها بالقيم الحق والخير والجمال

أليست هى التعالى فوق أهواء النفس من حب السلطة والجاه التكبر

أليست هى فى حقيقتها العدالة بمفهومها الواسع لتحقيق المساواة بين الجميع بغض النظر عن التفاوت الطبقى والمفارقات الأجتماعية

وما معنى أن يوصف القضاء المصرى وحده بالنزاهة .. ألا يوجد قضاء نزيه إلا المصرى

وهل يحتاج القضاء النزيه لوصفه بالنزاهة حتى يعرف الناس أنه نزيه

إذا كان هذا الوصف يطلق على القضاء المصرى ليضفى على القضاة سيمات الإحترام بين طبقات المجتمع ، فلا معنى لذلك لأن احترام المواطن للقاضى يأتى أولاً وأخيراً من عدالة حكمه ، فعدالة حكم القاضى تجبر حتى من يحكم ضده باحترام القاضى الذى تقصى العدالة فى حكمه .. وهنا يقال هذا قاضى عادل هذا قاضى نزيه .. ولا يعمم القول حكما على مجموع الهيئة القضائية .. بمقولة نزاهة القضاء المصرى إلا إذا كنا نتحدث إلى بلهاء .. وهذه العدالة هى التى تضفى على القاضى الأحترام والوقار بل والتبجيل من أفراد المجتمع وطبقاته .. أما التعميم فيما لا يجوز فيه التعميم فهو أمر خاطىء يعطى من لا يستحق ما لا يستحق ويصل بضعاف النفوس إلى الظن بقدسية شخوصهم فى مواجهة العامة وباقى طبقات المجتمع.

فالتجاوزات التى يرتكبها بعض القضاة تفوق الحصر .. بل ويأباها أى ضمير حى ويستنكرها شرفاء القضاة أنفسهم .. ويكفى أن يستعرض أى منصف أحكام التعويض التى يحكم بها القضاء فى قضايا التعذيب ضد النظام .. وضئالة بل وتفاهة مبالغ التعويض التى يحكم بها فى قضايا تمس أخص وأسمى حقوق الإنسان – الحرية وسلامة الجسم - .. بل أن هناك من الأحكام ما يصيب المجتمع بالصدمة عند صدورها .. كما هو الحال فى الحكم الذى أصدره قاضى جنح سفاجة فى قضية غرق العبارة السلام ووفاة 1034 راكب ممن كانوا على متنها غرقاً حيث قضت المحكمة ببراءة كل من له صلة بالعبارة. وأسندت المسئولية الجنائية إلى القبطان لأنه في عداد الأموات.

نعم لقد صدم هذا الحكم المجتمع .. القضاة شريحة من المجتمع وإذا لم يستشعر القاضى مشاعر العدالة التى يتنسمها المجتمع وابتعد عنها بهذه الفجاجة فإنه يكون قد فقد أهم ما يميزه كخادم للعدالة وانسلخ عن النسيج الاجتماعى الذى ما ولى القضاء إلا ليحقق بين أفراده العدالة.

وما يتم ضبطه من قضايا رشاوى وفساد يتورط بها أعضاء فى النيابة والقضاء كثيرة ومتعددة والصحف مليئة بها .. والنتيجة المستخلصة من ذلك أن القاضى أولاً وأخيراً بشر إنسان ككل أفراد المجتمع .. فما الذى يدفع النظام إلى رفع طبقة القضاة فوق رقاب باقى طبقات المجتمع بغير حق .. وهل من الائق أن يقبل من يحمل بيده ميزان العدالة ذلك.

لقد سقط قضاة مصر فى أول محك حقيقيى لنزاهة القضاء المصرى .. تغاضوا عن امتهان كرامة المحامى وتقييد حريته والتعدى عليه بالضرب .. تغاضوا عن استغلال وكيل النيابة سلطته وإصدار أمره للحرس بتقييد حركة المحامى ثم انهال عليه ضربا وصفعا حتى مزق ملابسه .. وعندما رد المحامى بصفع وكيل النيابة دفاعاً عن نفسه استنفر القضاة كل أعراف الجاهلية واستنهضوا أسوأ المشاعر التى تتخفى فى السراديب السوداوية للنفس البشرية ، تناسوا أكلشيهات التحضر التى يتغلفون بها ، وحملوا راية الخصومة وراية الحكومة فى آن واحد .. على خلاف ما يقولون ويفعلون ، أسرعوا الخطى بل هرولوا بالتحقيقات لتنتهى فى زمن قياسى وتحال لجلسة فى زمن مرشح لموسوعة ((جينز)) ثم تأتى المهزلة الكبرى والحكم الصادم للمجتمع بحبس المحاميين خمس سنوات فى محاكمة هزلية تنفتفر لمبادىء العدالة والنزاهة .. منتهى الأستخفاف لا بالمحامين فقط وإنما بالمجتمع ككل .. فى حكم أصبح مادة للتندر على القضاء المصرى .

ليسأل القضاة أنفسهم .. وليسأل أعضاء النيابة أنفسهم .. ما هذا الصلف والكبرياء والتعالى الذى يتعاملون به مع الناس .. مع أفراد المجتمع العاديين الذين هم فى الأساس من يدفعون أجور ومرتبات ومكافآت وحوافز وتسالى وجمبرى وتكييفات وسيارات وشاليهات ونوادى السادة المستشارين وأعضاء النيابة .. أم هذه من الحقائق الغائبة عن سيادتهم .. ليسألوا أنفسهم عن الأسباب الحقيقية للفساد داخل السلطة القضائية .. بعيدا عن الشعارات والخطابات الجوفاء فى النوادى .. ما هذا التعالى والكبرياء .. هل هى سلطة ألالهية .. لقد انتهى عهد السلطة الألهية ..

نزاهة القضاء المصرى .. شىء يدعوا للآسى .. ألا تقتضى النزاهة أن يكون الإنسان نزيه طول الوقت .. كيف يدعى النزاهة من يتلبسها لبعض الوقت .. كيف يدعى النزاهة من يؤمها أو يوليها ظهرة حسبما تقتضى الظروف بعد أن ماتت العدالة فى قلبه .. وشيعت ودفنت بقايا إدعاءات النزاهة على مرآى ومسمع من المجتمع

فى دولة تدعى احترام القانون يكون الكل أمامه سواء بداية من رئيس الدولة وحتى أقل أفرادها شأناً .. وإلا ستستمر هذه المهزلة وغيرها من المهازل التى يفرزها هذا النظام الفاسد ..

يا قضاة مصر أليس منكم رجل رشيد ، أفيقوا من وهم النزاهة .. قبل أن تسقطوا فى نزاهة الوهم .