الثلاثاء، 28 فبراير 2012

برلمان العوالم






برلمان العوالم
ذكرتى الموقف المتناقض للبرلمان برئاسة سعد الكتاتنى من النائب زياد العليمى والنائب مصطفى بكرى .. ذكرنى بأنه كان فى مصر قبل ثورة 25 يناير برلمان ( مجلس الشعب ) يختص دستورياً بمهمتين فى منتهى الخطورة .. الأولى الرقابة والثانية التشريع .
ولكنه كان فى الحقيقة برلمان (عوالم) جمع عالمة .. والعالمة امرأة تقود فرقة من الراقصات والموسيقيين . لا ترتبط بقيمة ولا تعرف للحرمة سبيلا .. وأهم مقوماتها أن فحشها يجعل الناس يتجنبونها ويتملقونها إتقاء لشرها .. ومن يتعرض لها بمجرد القول تلهيه واللى فيها تجيبوا فيه !!
كان برلمان العوالم يتزعم ويقود الأغلبية فيه – صبى العالمة – طبال سابق يعرف تماماً أن صوت الطبلة العالى يمكن أن يغطى ويطغى على أى صوت أخر  .. فكان ينتهج فى البرلمان منهج رفع صوت الطبلة كلما أراد أفراد المعارضة الحديث أو التعبير عن رأى وخلافه .. فترتفع بإشارة يده أصوات نواب الأغلبية لتغلوش على صوت المعارض .. تمنعه من إيصال صوته وفكرته .. تأد الحقيقة على شفتيه .. وتروج الأكاذيب وتنشر الفساد فى صورة قوانين ..
ولطالما عانى أفراد المعارضة – الأقلية – فى برلمان العوالم من المنع والحجب والحرمان من فرصة الكلام ..
أما إذا أعطيت الكلمة لأحد المعارضين على سبيل الخطأ أو كنوع من ذر الرماد فى العيون أوقل حياء الفجور .. فإن نواب الأغلبية يتحفزون به رهناً بإشارة صبى العالمة .. فينقضون عليه رفعاً بالأصوات واعتراضاً ومقاطعة وسخرية وربما تطاولوا عليه بالسباب .. وإن لم تفلح هذه الوسائل
فهناك اللائحة يمسك بزمامها العالمة ذاتها – وهى استاذة فى مادتها -  تتربص به باسلحة عديدة ما بين قفل باب المناقشة والإنتقال لجدول العمال والشطب من المضبطة والإحالة إلى لجنة القيم .. وكلها إجراءات قانونية ووفقاً للائحة بعد إجراء العرض المسرحى الهزلى (موافقون موافقة)
وبعد ثورة 25 جاء برلمان الشعب معقوداً عليه الكثير والكثير من الآمال فى إرساء قواعد برلمانية حقيقة للحرية والديمقراطية واحترام قيمة النائب الذى يقف وراءه طابور طويل من الأصوات أوصلته لمقعده فى مجلس الشعب
كان الأمل معقود على برلمان يعمل على إرساء قواعد برلمانية قادرة على تحويل البرلمان إلى قلعة للحقوق والحريات وحصن ودرع قوى وعينا ساهرة على مصالح الوطن المجردة وليست لمصالح وتوجهات كتلة من الكتل .. كنا ننتظر كلمات نارية تنبع من وجاهة الرأى وقوة الحجة .. كنا ننتظر إرساء قيم وتقديم دراسات جادة ومشاريع خلاقة .. كنا ننتظر أقتحام مشكلات المجتمع المزمنة بحلول من جاءوا بإرادة الشعب من بين افراده وقد ظن الناس أنهم يعيشون ويحسون مشاكلهم وآلامهم ويعملون على علاجها
وذهبت الآمال أدراج الرياح
جاء البرلمان بسمات وهيئة المسلمين الملتزمين – ولكن فوجئنا بأن النواب وكأنهم تركوا على باب البرلمان حقيقة الإيمان وجوهر الإسلام وأصطحبوا معهم فقط مظهر الدين وشعار الكتلة التى خاضوا الأنتخابات تحتها
فوجئنا بممارسات منفصلة تماماً عن آمال الشعب وبعيدة كل البعد عن طموحاته وإرادته
برلمان لجان تقصى الحقائق .. أكبر جهد الأعضاء هو التصفيق .. ولا أدرى علام يصفقون .. وما الذى يسعدهم ويشرح صدورهم حتى يصفقوا بينما الوطن ينزف والبلاد يعمها الفوضى والفساد وتنحدر بسرعة نحو الهاوية  .. لا أدرى بما يسعدون
هل هى عقلية أنا الغالب .. انا الأكثر وأنا الغالب وأنا المنتصر وأنا القادر على الغلبة دائماً بغض النظرعن مرجعية هذا النصر وتلك الغلبة أهى مع وفى سبيل الحق أم أنها أنتصار للعصبية والجاهلية
لقد تركوا على باب البرلمان الآيات الكريمة :
-     يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات/6}
-     يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ {الحجرات/12}
-         وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {النساء/112}
-         مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ {ق:18}.
ونسوا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ك
-     الغيبة ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فقد بهته.
-          من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا، أو ليصمت.
-           أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما
لقد فعلوا ما كان يفعله برلمان العوالم – وكالوا بمكيالين
نعم إنكم أغلبية ويمكنكم أن تمرروا أو تمنعوا ما تشاؤون.. ولكن ما هى دوافعكم وأغراضكم من وراء المنعم أو التمرير
-         هل هو نصرة الحق
-         هل هى القيم ومبادىء الأخلاق
-         هل هو العدل
-     أليس من المفترض يا مسلمين أن يكون الله من وراء القصد وهو يهدى السبيل .. هذه هى روح الإسلام التى لا تتناقض مع مصالح العباد والبلاد
لم نجد أياً من ذلك فى قرار المجلس بالتصويب بعدم تقديم مصطفى بكرى للجنة القيم وجدنا باطل يلبس ثوب الحق والديمقراطية
لقد كيلتم بمكيالين وانتصرتم لعصبية الجاهلية .. تنافرتم مع كل من يرى ويعرف أن الحق والعدل فضيلة وأن النفاق والعصبية الجاهلية رزيلة
بل وأعلم من أصدقائى ( الأخوان ) من ساءه هذا إلى درجة الأحساس بالخزى والعار من نواب ينتصرون للنفاق وينحازون للباطل ويغضون الطرف عن انتهاك حرمات المسلمين
لقد خدعتمونا باسم الدين فانخدعنا لكم بإرادتنا آملين فى الإصلاح على يديكم مستشرفين لشعاركم ( الإسلام هو الحل ) .. وأعتقد جازما أن الإسلام هو الحل ولكنه ليس الإسلام على طريقتكم هذه .. لقد خدعتمونا مره ولكن احذروا لأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين
هل تعتقدون أن أى منكم أفضل من البرادعى .. العبرة ياسادة ليست بمن يجلس على كرسى السلطة
ويدلكم التاريخ على أن الحكام والأمراء والخلفاء الذين أضطهدوا وعذبوا وسجنووا الأئمة الأربعة لم يكن أى منهم يساوى خيطاً فى نعل أيا من الأئمة .. وبقى الأئمة بعلمهم وقيمتهم وذهب الأمراء على مزبلة التاريخ بسلطتهم وعلو صوتهم
وعبرة التاريخ القريب ماثلة وهو يسطر الآن مذكرات العالمة وصبيها فى سجن طره .. وهو مستقبل لن يرضى عنه الشعب بديلاً لكل من يعبث بمقدراته على طريقة العوالم
اتقوا الله فى شعبكم ووطنكم .. ومازلنا فى الإنتظار .. ونحلم ببرلمان الثورة
 ألا لعنة الله على الظالمين