الأربعاء، 9 نوفمبر 2011

لا لوصاية العسكر على مصر

 



لا لوصاية العسكر على مصر
أثار الإعلان الذى تبناه على السلمى نائب رئيس الوزراء .. ولا أدرى لماذا يقولون عنه كلمات جميله من قبيل أنه رجل نزيه وشريف ثم ينتقدونه .. لتبييض صفحتهم أمامه .. بل هو حتى وإن كان قد قدم روحه فيما سبق فداء هذا البلد فأنا أعتبره خائن بهذا الذى أقدم عليه.
إن مصر أعظم وأكبر وأرقى وأهم من أن يسيطر على مستقبلها ويفرض وصايته على إرادة شعبها أى ما كان وخاصة العسكر الذين أثاروا بتخبطهم فى إدارة الحياة السياسية فى البلاد خلال الأشهر الأخيرة سخط الكثيرين وإشفاق القليلين وشماتة الشامتين وأعادوا البلاد للخلف سنين وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .. وقد أشفى وعبر عما فى صدرى مقالين للأستاذ فهمى هويدا نشرا على يومين فى جدريدة الشروق أقطتف منهما
فضيحة سياسية ..
كتب فهمى هويدى
لا أظن أن الثورة المصرية قامت، أو أن مئات الشهداء ضحوا بحياتهم لكى يتمخض الأمر فى نهاية المطاف عن الوثيقة الملغومة التى أعلنت يوم الثلاثاء الماضى (أول نوفمبر) وقدمت بحسبانها متضمة للمبادئ الأساسية للدستور. ذلك أنها خيبت آمالنا وتحولت إلى فضيحة سياسية، أقل ما يمكن أن توصف به أنها أهانت الشعب المصرى وثورته. بل لوثت سجل الذين أعدوا «الطبخة»، وفى المقدمة منهم الدكتور على السلمى نائب رئيس الوزراء،  
توقيت إعلان الوثيقة جاء غريبا ومريبا. قبل أربعة أسابيع تقريبا من التصويت على انتخابات مجلس الشعب، فى حين يتواتر الحديث عن طرف ثالث مجهول سعى إلى إثارة الفوضى وإشاعة البلبلة فى البلاد عجزنا حتى الآن عن أن نتعرف على هويتة فهل كانت تلك التوترات بمثابة ستارة الدخان التى تصور البعض أنه يمكن فى ظلها تمرير الإعلان، دون الانتباه إلى الألغام المبثوثة فيه.
بأى حق قام به الدكتور على السلمى وفريقه بهذه المهمة، وبأى معيار قانونى أو سياسى أو ديمقراطى، إن ما فعله يعد انتهاكا صارخا للمبدأ الذى يتشدق به الجميع والذى يقرر أن الشعب مصدر السلطات.
إن نائب رئيس الوزراء غير المنتخب انتخب من جانبه 500 شخص ودعاهم إلى دار الأوبرا «لمناقشة» الإعلان فى مشهد أقرب إلى الإخراج السينمائى أو التليفزيونى، لا يمت إلى الحوار الحقيقى بصلة. وهو ما يعد نوعا من التهريج السياسى
إن الإعلان ذكر أكثر من نقطة مثيرة للضحك. منها مثلا أن المجلس العسكرى إذا لم يعجبه شىء فى مشروع الدستور واختلف فى ذلك مع واضعيه، فإن الأمر يعرض على المحكمة الدستورية العليا. وهذه بدعة جديدة تماما تصدم فقهاء القانون، لأن المحكمة الدستورية مختصة بنظر القوانين وليس الدساتير، من ذلك أيضا أن دعا لأن يكون 80 من أعضاء لجنة المائة من غير أعضاء مجلس الشعب، ويشترط فيهم أن يمثلوا كل أطياف المجتمع، الأمر الذى يثير السؤال التالى: هل ارتأى معدو البيان أن أعضاء مجلس الشعب المنتخبين غير ممثلين لأطياف المجتمع، وإذا صح ذلك فما لزومهم إذن، وكيف نأتمنهم على رعاية مصالح الشعب؟
  أسوأ ما فى إعلان المبادئ الأساسية للدستور الجديد فى مصر أنه يضع المجتمع تحت وصاية المجلس العسكرى فى الفترة الانتقالية، ويضع المؤسسة العسكرية فوق القانون فى الظروف العادية ــ فيما يخص الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع الدستور نص الإعلان على ما يفيد بأن أعمالها ستكون تحت رقابة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. فإذا ارتأى المجلس أن المشروع الذى أعدته الجمعية تضمن نصوصا تتعارض مع المقومات الأساسية للدولة والمجتمع أو... أو...إلخ ــ فله أن يطلب من الجمعية أن تعيد النظر فيها خلال 15 يوما. فإذا لم توافق يعرض الأمر على المحكمة الدستورية العليا (التى قلت أمس إنها غير مختصة بالموضوع) ــ وهو ما يعنى أن المجلس العسكرى سيظل يراقب عمل الجمعية التى يفترض أنها تمثل كل أطياف المجتمع. وفى النص أيضا أنه إذا لم تنته الجمعية من وضع الدستور خلال الأشهر الستة المقررة، فإن المجلس العسكرى له أن يشكل جمعية تأسيسية جديدة لتعد مشروع الدستور خلال ثلاثة أشهر، ليعرض بعد لك على الاستفتاء العام.
ذلك فى المرحلة الانتقالية، أما فى مشروع الدستور ذاته فإن الإعلان أورد أمرين أضفيا على المؤسسة العسكرية حصانة خاصة تمثلت فى نقطتين، الأولى نصت على اختصاص المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون غيره بالنظر فى كل ما يتعلق بالقوات المسلحة ومناقشة بنود ميزانيتها، على أن يتم إدراجها رقم واحد فى موازنة الدولة. كما يختص المجلس دون غيره بالموافقة على أى تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل إصداره (البند التاسع من الإعلان). الثانية وردت فى البند العاشر وتمثلت فى النص على إنشاء مجلس للدفاع الوطنى برئاسة رئيس الجمهورية للنظر فى الشئون الخاصة بتأمين البلاد وسلامتها. ويعين القانون اختصاصاته الأخرى (القابلة للإضافة).
  حين وقعت على هذه النصوص تذكرت على الفور ما فعله العسكر فى تركيا ، حيث فرضوا أنفسهم على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. منذ عام 1935 ، ولم يتغير الوضع إلا حين تولى حزب العدالة والتنمية السلطة فى عام 2002، واستطاع  أن يعيد تشكيل مجلس الأمن القومى بحيث أصبحت أغلبيته من المدنيين، كما نجح فى جعل المؤسسة العسكرية تحت القانون وليست فوقه، الأمر الذى أدى إلى إحالة بعضهم إلى القضاء ومحاكمتهم حاليا بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم لأول مرة فى التاريخ التركى الحديث.
إن أحدا لا يستطيع أن يقلل من شأن القوات المسلحة، التى هى محل تقدير الجميع، لكنى أزعم أن أحدا لا يقبل أيضا أن تصبح فوق القانون أو أن تكون دولة أخرى داخل الدولة. وهو
لم أفهم لماذا أقحمت تلك المواد على الإعلان الدستورى، خصوصا أن ثمة شائعات غير بريئة حول هذه النقطة، لكن الذى أفهمه أن أهداف الثورة انحصرت فى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ولم يكن من بينها شىء مما سبقت الإشارة إليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق