الجمعة، 2 مارس 2012

أريد إطلاق لحيتى






وكأن مشكلاتنا فى مصر قد انتهت .. فبدأ بعض إخواننا يثيرون من القضايا مالا يجوز الوقوف عنده فى هذا الوقت والوطن ينزف .. بل أنه لا يجوز الوقوف أو الخلاف عليه بالمرة ..
والله إن المرء ليعجب أين ذهبت عقول المسلمين .. هل من المعقول أن تثور مشكلة فى إطلاق اللحية أوحلقها .. ولماذا لا يتمسك المطالبين بذلك إلا بالأراء الفقهية المتشددة وقد أوسع وأفسح لهم الفقهاء والعلماء والمفتين المجال للتصالح مع النفس ومع عرف المجتمع .. وما المانع إذا ألح الموضوع على أحدهم أن يترك عمله فى الجهة التى تمنع إطلاق اللحى ويذهب لعمل فى جهة أخرى تسمح بذلك أو يعمل عملاً خاصاً ( أعرف ضابط شرطة ترك عمله وعمل صبى نجار  http://cutt.us/SsSi

 .. المقصود لماذا يصر المستقوين بالدين إلى جَرّْ المجتمع إلى دربهم وإكراهة على ذلك ( كمن أتحفونا بوضوع عايز أختى وشكاكلتها)
ومع ذلك فالإنصاف فى مسألة اللحية ليس قولى أو قول المتشددين وإنما هو للعلماء المعتبرين أصحاب المناهج الوسطية وبالمناسبة لم يعرف التاريخ الإسلامى غلبة أراء المتشددين إلا فى أوقات الكوارث ومخازى التاريخ الذى يقطر دماً بفعل فتاوى الخوارج ومن سار على دربهم وفتاوى عملاء الحكام ( هذه مدونة فيها الكثير من ذلك  http://cutt.us/4OSv  )
فالأمر مرتبط بعلة مخالفة غير المسلمين ، والمعلول يدور مع علته وجوداً وعدما .. وقد انتهى الفقهاء أن الأمر على سبيل الأستحباب وتركه لا يضع فاعله فى خانة مرتكب المحرَّم .. وأن اتخاذ اللحية الكبيرة إن كان للشهرة فهو مذموم والأقسط تهذيبها وتحسينها أما تركها شعثة مبعثرة فلا يتناسب مع مقاصد الشرع ويسىء لسنة النبى صلعم إذا ادعى التشبه به لأنه صلعم موصوف بحسن لحيته وجمال منظره وهيبته .. وهكذا فقد أبعد النجعة من أدعى أن حلق اللحية حرام شرعاً أو يعد من الكبائر فهذا تأويل بعيد وتحميل النصوص مالا تحتمل.
بل نستطيع القول أن السنة في اللحية مجاراة العرف والبيئة. فإذا جرى العرف عند قوم باتخاذ اللحية، فالسنة مجاراتهم فى تلك العادة، وإن كان عرفهم بحلق اللحية أو قصها أو حلق بعضها وترك بعض، كانت السنة مجارتهم فى ذلك.
وهذا مايمكن استخلاصه من فتاوى المشائخ :

فتوى الشيخ محمود شلتوت فى اللحية: الحق أن أمر اللباس والهيئات الشخصية، ومنها اللحية، من العادات التى ينبغى أن ينزل المرء فيها على استحسان البيئة، فمن دَرَجت بيئته على استحسان شىء منها كان عليه أن يساير بيئته، وكان خروجه عما ألِفَ الناس فيها شذوذا عن البيئة)».

فتوى الشيخ القرضاوى فى اللحية : ولعل أوسط الأراء الفقهية - فى حلق اللحية - أقربها وأعدلها - هو القول بالكراهة- فإن الأمر لا يدل على الوجوب جزما وإن علل بمخالفة الكفار، وأقرب مثل على ذلك هو الأمر بصبغ الشيب مخالفة لليهود والنصارى، فإن بعض الصحابة لم يصبغوا، فدل على أن الأمر للاستحباب.

دراسة فقهية فى اللحية للدكتور/عبد الله يوسف الجديع .. الأمين العام للمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث لمدة سنتين وأحد أعضاء المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث.ورئيس اللجنة الفرعية للفتوى التابعة للمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث.
وهى دراسة غنية ومغنية ولذلك سأنقل منها اليسير .. من حيث ينتهى فيها إلى  :
·        أن تحسينَ هيئةِ اللحية وتهذيبها مطلوب حَسَنْ، وُيكرَهُ أن تكونَ اللًحيَةُ عَظيمَةُ يُشارُ لصاحبها بسَبَبِها، فان الشهرَةَ مَذمومةْ، ورُبما كانَت غُرورا ومَهلَكَة.
·        دلً اتخاذُ النبي (صلعم ) للحية الحَسَنَةِ على مَشروعيتِها لاباحَتِها، وَيكونُ فَضيلَة إذا اقتَرَنَ بقَصدِ المشابَهَةِ للنبي .
·        دَلالَةُ النُّصوصِ الآمِرَةِ بإعفاءِ اللحية لا تتجاوَزُ الاستِحبابَ عنْدَ ؤجودِ مُقتَضي المخالَفَةِ لغيرِ المسلمينَ؟ ، لم تُساعِدِ النصوصُ في حُكْمِها في الدلالَةِ على أكثَرَ من الندْبِ،
·        إن قصد المسلم بحلق لحيته مُشابَهَةِ غيرِ المسلمينَ دونَ مُقتَضى لتلكَ المشابَهَةِ، فذلكَ قَصْدْ مُحرَّمٌ .
·        العُرْفُ مؤثرْ في بابِ العاداتِ، والسُّنةُ في العُرفِ مُجاراتُهُ إلَا في مُخالفَةِ الشرعِ، وحَيثُ قُلنا باستِحباب إعفاءِ اللحية بعلَّتِهِ، فلا يوصَفُ تَركُ المندوبِ بكونهِ مُخالفةَ للشَرْعِ.
·        لو شاعَ إعفاءُ اللحية من مُسلم وَغيرِهِ في مُجتَمَعٍ ، لم يؤمر المسلمُ بالحلقِ مُخالَفَة لغيرِه
·        الاستِدلالُ بما هُو خارج عن النصوصِ المباشِرَةِ في إعفاءِ اللحية لتَثبيتِ فرضِ إعفائها، كادعاءِ أن حَلقَها خُروجْ عَنِ الفِطرَةِ، وأنه مُشابَهَة للنساءِ، وأنه مُثلَة، وَمُحدَثْ، وتَغيير لخلقِ اللهَ، فكلْهُ مِما بينت ضَعفه وخطأهُ.
·        اتخاذُ اللحية مِن اتخاذِ الشعر، والسنةُ لمن كانَ لهُ شعر أن يُكرِمَهُ وُيحسِنَ هَيئَتَهُ ومَنظَرَهُ، بقَص مُناسبِ، وتَرتيب وتَرجيلِ ودَهْنِ وإصلاحِ وصَنع وغَيرِ ذلكَ مِما يُوافِقُ الهَيئَةَ الحسَنَةَ، وبذلكَ جاءَت الآثارُ ومَذاهِب أهل العلمِ، كَما كانَ مَنظَرُ لحية النبي (صلعم ) حَسَناً.
·        أما إهمالُها وتَركُها مُبَعثَرَة ثائِرَة فذلكَ قَبيح في المنظَرِ لا يَتناسَبُ مَعَ مَقاصِدِ الشرعِ وَغاياتِهِ، وَيقبُحُ أكثَرُ إذا كانَ صاحِبُهُ يُظهِرُ ذلكَ على أنه السنةُ، فهُو يُسيء بذلكَ إلى النبي (صلعم ) الموصوفِ بحُسنِ لحيتِهِ وَجمالِ مَنظَرَهِ وهَيئَتِهِ.
·        أما مَن رأى قُدسيةَ شعر لحيتِهِ، فيَستعظِمُ أخذَ شعرةٍ متها تَحسينا لهيئَتِها، فهذا على غيرِ هَديِ النبي (صلعم ) ، حيثُ لم نَرَ لهذا الصنيعِ أصلَا في سُنةٍ ولا أثَرٍ ، بل وَنجدنا بعض غيرِ المسلمينَ يُعظمونَ مَس شَيءٍ من شعر اللحية دِيانَة.

وقد ختم الدراسة قائلاً :
مَعَ ما بينْتُ فيم سبق، وصِرتُ إليهِ مِنَ النتائجِ، فأنا أرى- كغَيري- اللحية اليَومَ تَشيعُ في كَثيير مِنَ المتدينينَ على أنها- فيما يَرَونَ - سُنةْ، أو واجِب، أحتَرِمُ لَهُم ذلكَ، فذَلكَ منهُم فَهمٌ مَرجعهُ إلى الاجتِهادِ، وليسَ مِن حَرَج على من يَفعَلُ ذلكَ قاصِدا الخيرَ، كما لا حَرَجَ على مَن أدرَكَ ما تقدًمَ أو بعضهُ اْو قلدَ مُفتيا من عُلماءِ المسلمينَ فحَلَقَ لحيتَه معَ الدينِ والأدَبِ وحُسنِ الخُلُقِ.
وإنما الحَرَجُ على طائفَة مِنَ المسلمينَ عَظمَت هذهِ المسألَةَ وبالَغَت فيها مِمن يَرى حُرمَةَ حَلقِ اللحية، حتى أعطَوها مِنَ القُدسيةِ أن جَعَلُوا حالِقَها مُرتكبا لكَبيرَةِ، بل تَناوَلَ بَعْضُهم بهذا الوَصْفِ مَن يَعتَني بهَيئَئتِها بالأخْذِ منها وتَرتيبِها.
والقول لهذهِ الطائفَة: ائتونا ببُرهانِ غيرِ ما فصلتُ في هذا البحثِ يُبلغُ هذهِ المسألَةَ ما بلغتُموها، ولا أراكُم إلا عاجِزينَ عن ذلكَ، وسَتَرجعونَ إلى نَفسِ ما بينت مُستقصِيا هُنا، وعندَئذِ أقولُ: قَد أوجَدَني النظَرُ في هذا البَيانِ غيرَ ما أوجَدَكُم، ولم تَفصِل النصوصُ في خلافِنا، فبالله عليكُم ما كانَ هذا بابُهُ من مَسائلِ الشرعِ كَيفَ يَستقيمُ وَصفُ المخالفِ فيهِ بارتِكابِ كَبيرَة!
                                والله يقول الحق وهو يهدى السبيل ..


- مرفق رابطاً للدراسة كاملة لمن أراد المزيد









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق