الأحد، 11 أبريل 2010

المأزق البرادعى

المأزق البرادعى
صديقى الدكتور البرادعى .. أشبه بنسمة الهواء التى يتطلع لها الوطن منذ عقود
صدق الرجل ومواقفه المشرفه ومصداقيته المحلية والدولية عضدت هذا المفهوم لدى النخبة وفى جانب من محيط المتعلمين ، ولكن كيف تنظر إليه شرائح المجتمع المختلفة ..
ووفقا للمنظور الظاهرى للمجتمع ودون التعمق فى تحليلات نفسية أو فلسفية ليس ها هنا مجالها ، يمكن محاولة الوقوف على رؤية عدة شرائح للمجتمع
الشريحة الأولى : وأبرز رموزها السلطة والنخبة الحاكمة ومشروع التوريث ، الحزب الوطنى ورجال الأعمال والمنتفعين ( المنتفعين فئات عددها ليس بالقليل بل هم من الكثرة بحيث تستغرب كثرتهم وتشعبهم أينما وجدت المصلحة من أعلى أجهزة الدولة وحتى الوحدات المحلية والجمعيات الزراعية ) .. وتضم أيضا هذه الشريحة أصحاب الحصانات والفاسدين والمستفيدين من حولهم .. ونثتنثى من هذه الأطياف القليل النادر (( إلا من رحم ربى )) .. هذه الشريحة ترى فى البرادعى العدو الأول ..
الشريحة الثانية : الأحزاب السياسية ومشاريع الأحزاب ، وكل من لم يجد له مكان فى صفوف الحزب الوطنى ولكنه لم ييأس ويبحث عن فرصه ليطل برأسه (كمثال من يلتحقون بالحزب على أثر فوزهم تحت مسميات وتصنيفات أخرى أبرزها المستقلين ) هؤلاء يرون فيه سلما أو جسراً يعبرون فوقه إلى تحقيق كل أطماعهم أو بعضها على الأقل .. سواء بخيانته وبيعه للنظام فى مقابل صفقات يحصلون فيها على الفتات .. أو بمسايرة تياره لعله إن طفا على السطح يتمسكون به ويطفون معه ليس كمؤيدين حقيقيين ولكنه بالنسبة لهم خطوة أيضاً نحو تحقيق أطماعهم.
نستثنى من هؤلاء الأخوان المسلمين الذين يحملون أجندتهم الخاصة والتى أهم بنودها الحلول محل النظام القائم واعتلاء سدة الحكم منفردين ، واعتقد أن اتفاقهم أو اختلافهم مع الرجل يتوقف على مدى ما سيحصلون عليه من مكاسب ولا يستبعد من ذلك الخيار الأفضل لديهم وهو التضحية بكل شىء إلا مصلحة أجندتهم .. وما أسهل التضحية بالبرادعى فى هذا السياق.
الشريحة الثالثة : النخب المثقفة وأصحاب الرأى والمفكرين والمستنيرين ، وكلهم يؤيده ويراه خطوة على الطريق كل حسب عقيدته وفلسفته فى رؤية المنهج والتطبيق المؤدى إلى الإصلاح .. وهؤلاء يمثلون الدعم الفكرى العقدى الحقيقى لأى حركة تغيير .. سواء فى حالة توافقهم معه أو فى حالة اختلافهم معه لأن اتفاقهم يدعمه ويقويه واختلافهم يثرى تجربته وينير له الطريق ويضع تحت نظره ما لم يلحظه .. وبالطبع فهو لا يستطيع أن يلحظ كل شىء ويجمع كل شىء.
الشريحة الرابعة : أبناء الطبقة المتوسطة .. الموظفين والعمال والطلاب وأصحاب المهن الحرة والنقابيين بكل أطيافهم .. وهؤلاء يمثلون الطبقة التى تتحمل أعباء كل شىء وتتكبد معاناة كل شىء ولا تحصل على شىء سوى الفقر ومزيد من الإفقار الممنهج المدروس .. وهذه الطبقة يمكن تقسيمها إلى :
• أقلية ساعدتها الظروف على العيشة المستورة أمثال .. من عملوا بالخارج والعاملين حاليا فى الخارج والمعارين وهؤلاء يعتمدون على مدخراتها فى مواجهة أعباء الحياة ؟؟ وهم فئة تركن إلى السلبية يمكن أن تشارك بالكلام ولا تقدم أى دعم حقيقى . فهى تفضل السلبيه على المشاركة ولسان حالها يقول خلينا فى حالنا واللى نعرفه أحسن من ..
• أغلبية كادحة تواجه مشاكل ومصاعب الحياة بصفة يومية وتعانى من مشاكل المجتمع المزمنة .. الفساد ، البطالة ، انعدام وتدنى الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية و .. و .. و .. و.. وتعانى إلى جانب ذلك نتائج الإفرازات الطبيعية لكل هذه المشكلات من فساد الأخلاق وانتشار الجريمة والمخدرات ..و.. و .. ويتوازى مع ذلك ما يضعه النظام على عاتقها من إسقاطات الفشل ونسبة العديد من المشكلات إلى سلوكيات وطريقة معيشة وتزايد تعداد هذه الشريحة وما يتكبده النظام من تكاليف دعم زائف .. وهذه الشريحة تمثل السواد الأعظم من الشعب المصرى.
وتمتد هذه الشريحة على مدى اتساع الوطن .. وكلما أوغلت فى البعد عن العاصمة الكبرى والمدن الرئيسية كلما زادت معاناتها .. وكلما أوغلت فى أعماق الجنوب كذلك .. بالإضافة إلى زيادة قدر التجاهل والإهمال .
وهذه الفئة ترى فى الدكتور البرادعى المخلص والمنقذ وهى التى تمثل الدعم الشعبى الحقيقى القادر على الصمود وعلى المواجهة .. وخاصة مقاومة ومواجهة الأغراء.
• شريحة عريضة من العشوائية انحدرت بها ظروف المعيشة والمناخ العام إلى مثلث الفقر والجهل والمرض .. بدرجات متفاوتة .. فرضت عليها الرغبة فى الحياة العيش على هامش حياة المدن والرضى بأقل القليل من فتات المدنية والتحايل على كل قوانين الحياة الطبيعية والوضعية لتتملق السلطات تشبثاً بذلك الفتات .. يراها سكان المدن من بعيد كمرض لا يجب الاقتراب منه من الأفضل تجاهل وجوده ،وكذلك السلطات لا تعيرهم أى اهتمام حتى أنها لا تعرف تعدادهم .. ولا تنتبه إلا إذا سقط عليهم جبل المقطم .. وهذه الشريحة - وإن كان ما تعيشه من مناخ يفرز منها عناصر ضارة أو معادية للمجتمع - إلا أن أغلبها يتطلع إلى حياة أفضل .. ولكنها لا تستطيع أن تفرق بين الطيب والخبيث وإن استطاعت لا يمكنها مقاومة كيلو من الأرز وأخر من السكر ومائة جنية فى مقابل أعطاء صوتها للشيطان نفسه .. وهذه الشريحة لا يجب المراهنة عليها لأنها دائما فى جانب الأغنى والأدهى والأخبث وهو بذاته الأفسد الذى نريد الإطاحة به.
الشريحة الخامسة : المصريون فى الصحراء .. وهم شريحة ليست بالقليلة يحكمها تقاليد وأعراف وتنقاد إلى مشائخ قبائل ورؤساء عشائر .. وهى شريحة لطالما أهملها النظام إلا فى حالات الأزمات والمشاكل ولا يكون التحرك نحوها إلا كرد فعل ما يلبث أن يخبو مع مضى الأيام .. ويحتاج الأمر للوقوف عل موقفهم من الدكتور البرادعى إلى بعض البحث الذى لم يتيسر بعد .. وإن كان المفتاح الحقيقى سيتوقف على موقف ورأى مشائخهم ورؤساء عشائرهم
الشريحة السادسة : المصريون فى الخارج .. وهؤلاء مع ما شاهدوه خارج البلاد ومع القليل من المقارنة التى يجريها العقل بلا أدنى مشقة بين ما يعيشونه فى الخارج وما وصلت إليه الأوضاع فى الداخل .. على الأقل فى جانب الخدمات .. يدعمون أى تغيير أو إصلاح يستهدف الداخل ويمثل الدكتور البرادعى بالنسبة لهم قيمة عظمى يفخرون بها وهم خارج بلدهم.
الشريحة السابعة : أفراد الجيش والشرطة .. وهؤلاء لا يقلون وطنية وغيرة على الوطن من أى مصرى إذا استثنينا من بينهم المتربعين على قمة الهرم الوظيفى والمنتفعين .. وهذه الشريحة وإن كان الأغلبية العظمى منها يتطلع إلى التغيير وإلى حياة أفضل إلا أن الواقع يفرض عليهم غير إرادتهم .. وهذه الشريحة لا يجب التعويل عليها لأنه لو حدث تصويت داخل الثكنات فحدث ولا حرج.
من هذه النظره الإجمالية أرى الدكتور البرادعى فى مأزق حقيقى .. لأن السواد الأعظم من مؤيديه هم من الفئة التى يتعامل معها النظام متمثلاً فى رجال الأمن بكل وحشية وبأكبر قدر من الإرهاب والتعسف كما رأينا بالأمس القريب 6 إبريل .. وتزداد هذه النكاية بالتعاون مع الأنظمة القمعية الأخرى بالدول العربية كما حدث بالكويت.
أضف إلى ذلك خاصة أن النظام لن يتورع فى اتخاذ أى وسيلة لقهر حركة التغيير ولا أستبعد الاعتداء على شخص الدكتور البرادعى أو تلفيق أى اتهام إليه .. فالجعبة مليئة بالحيل.
وحتى يتم تنظيم الجمعية ووضع أسس لتحرك اعضائها أرى أن الخروج من هذا المأزق يتمثل فى حشد الرأى العام الداخلى والخارجى ضد ممارسات السلطة فى مواجهة حركة التغيير بحيث ينتج عن ذلك أكبر قدر من الاحتجاجات ضد تلك الممارسات فى الداخل والخارج
واقترح أن يتولى الأستاذ حمدى قنديل المسئول العلامى الحالى للجمعية الوطنية للتغيير إعداد قائمة بعناوين المراسلات الالكترونية لمنظمات وجمعيات حقوق الإنسان على المستوى الدولى والمنظمات والهيئات المهتمة بهذا الشأن وكذلك .. وزارات الخارجية ورؤساء الدول والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية الاتحاد الأوروبى والناشطين الدوليين والمفكرين والصحفيين البارزين .. وتنشر القائمة بموقع الجمعية.
بحيث يتولى أعضاء الجمعية والمؤيدين وشباب الفيس بوك مكاتبة تلك الجهات والأشخاص للاعتراض على ما يتخذه النظام من تجاوزات ضد الحرية والفكر .. وليس هناك ما يمنع من صياغة نماذج لتلك الرسائل - كلما حدث تجاوز - وإبراز نوع التجاوز بالمخالفة للتعهدات والمواثيق الدولية التى تشارك فيها مصر .
وسوف يقابل مثل ذلك العمل بأقلام شلة المنتفعين بدعوى عدم الوطنية والاستقواء بالخارج وخصوصية الشئون الداخلية .. وهى دعاوى الحق التى يراد بها الباطل والتى يجب الاستعداد للرد عليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق