الأربعاء، 24 مارس 2010

أحلام العصافير

حلم السلام الذى يراود عقلاء المعتدلين العرب( هكذا يصفهم الغرب) مع إسرائيل والذى يمتد منذ أن مد الزعيم الراحل أنور السادات يده بالسلام من موقف القوه .. حلم له وجهان :

الوجه الأول :

وهو الذى يراه عقلاء المعتدلين العرب .. هو البديل المتاح كخيار لمن لا يملك غير هذا الخيار

عقلاء المعتدلين العرب يعتقدون أنهم ليس لديهم القدره على مواجهة إسرائيل وحلفائها .. وهذه مقولة قد تكون صحيحة من الناحية العسكرية .. إلا أن الأمر لا يقتصر على القوة العسكرية

إن أهم ما يملكه عقلاء المعتدلين العرب هو القوة البشرية المحيطة بإسرائيل ورغبة إسرائيل فى تطبيع علاقاتها مع هذه القوة البشرية .. ولن نخوض فى أغراض إسرائيل من وراء ذلك ومخططاتها لأضعاف هذه القوة والسيطرة عليها اقتصاديا وهزيمتها نفسيا ..

ولكن هذه القوة البشرية المحيطة بإسرائيل فقدت وتفقد كل قوتها بالاستسلام التام من جانب عقلاء المعتدلين العرب للمسار الذى تمليه إسرائيل على الغرب ويفرضه الغرب على عقلاء المعتدلين العرب تحت مسميات وهمية براقة يصدق عقلاء المعتدلين العرب البسطاء أنها ستؤدى بهم إلى شىء .. بدأً من مؤتمر أوسلو وهلم جراً .

الوجه الثانى ::

وهو المنظور الإسرائيلى لعملية السلام الذى يعنى الإخضاع التام وإملاء الشروط والتعليمات والسيطرة التامة على كل مقدرات المنطقة .. بغض النظر عن تفاهات مثل : الشرعية الدولية والقرارات الأممية والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان .. هذه الأمور بالنسبة لإسرائيل هراء لا يعنى شىء .

إسرائيل فى احتلالها الأراضى واغتصاب الممتلكات وتقتيل الأبرياء والزج بهم فى المعتقلات وتعقيم الفلسطينيات وقصب المدنين بقنابل النابالم والفسفور واليورانيوم المخصب والأسلحة البكتيرية والقنابل العنقودية وسرقة أعضاء أطفال فلسطين ومحاصرتهم وتجويعهم .. كل هذه الأعمال ضد القانون الدولى وصدرت قرارات الأمم المتحدة تدينها وتطالبها بالانسحاب من الأراضى المحتلة .. أكوام من قرارات الأمم المتحدة .. ولم تعيرها اهتمام

إسرائيل تبنى المستوطنات فى القدس وتهدم بيوت الفلسطينيين على رؤوسهم وتقيم على أشلائهم مساكن لليهود .. وليرحل من لا يرضى عن ذلك

رئيس الوزراء الإسرائيلى – بنيامين نتنياهو .. من قلب أمريكا أعلن أن القدس عاصمة إسرائيل مدينة يهودية منذ ثلاثة آلاف سنة وصفق له الكونجرس الأمريكى .

إسرائيل تعرف أنها الأقوى عسكريا والأقوى اقتصاديا والأقوى إرادة سياسية والعالم الغربى بلا استثناء يدعمها .

إذا الصورة واضحة والعالم كله يراها ويفهما إلا عقلاء المعتدلين العرب أصحاب نظرية الانبطاح السياسى .

هل يعتقد عقلاء المعتدلين العرب أن أمريكا ستنصرهم على إسرائيل .. أو حتى ستساوى بينهم فى المعامله .. هذه أحلام العصافير .. اقرءوا التاريخ .. ماذا فعل الشعب الأمريكى مع الهنود الحمر أصحاب الأرض الحقيقيين .. أرجعوا إلى وثائقهم التى دونوها عن معاركهم مع الهنود وأفلامهم التى سجلت بشاعة أبادتهم للهنود الحمر .. إنها نفس الحكاية تعاد بنفس المنطق

فى السياسة الخارجية يتخذ عقلاء المعتدلين العرب موقف التخاذل والضعف والانقسام والتشرذم حناجر، حناجر .. وتظاهر بالكرامة والوطنية .. وفى الحقيقة خضوع وخنوع وانبطاح سياسى .

فى السياسة الداخلية تسلط ودكتاتورية وتجبر على أبناء الشعوب .. مصداقا لقول الشاعر :

أسد علىَّ وفى الحروب نعامة

لقد بدأ عقلاء المعتدلين العرب سياسة التنازلات منذ عقود فأوصلتهم لهذا المأزق.

لماذا لا نجرب سياسة تبادل المنفعة .. وأقصد بالمنفعة منفعة الأوطان لا المنافع الشخصية لعقلاء المعتدلين العرب فى المحافظة على سدة الحكم وتوريثه لذريتهم .

إذا كانت إسرائيل تريد السلام الحقيقى والتطبيع .. يكون ذلك فى مقابل أعادة حقوق الشعب الفلسطينى واحترام المقدسات الإسلامية فى القدس ، واحترام سيادة الدول المجاوره وإيقاف مؤامرات التجسس وزرع الفساد وتصدير المخدرات والمسرطنات والملوثات الجينية . بمعنى أن تكون هناك علاقة محترمة بين دول تحترم بعضها تتساوى فى السيادة والحقوق .

وسيذكر التاريخ لكل من خضع واستسلم وورث أنه لم يورث سلطة ولكنه ورث الخزى والعار وباع لحمه وترابه بثمن بخس تماما كما فعل يهوذا ، وستلاحقة لعنة يهوذ إلى قيام الساعة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق